للأسف الشديد.. افتقدنا أشياء جميلة كانت علامات بارزة في حياتنا المصرية.. كلما تذكرناها وفتشنا عنها ولا نجدها أحسسنا بالغربة. والخوف من اليوم.. والغد.
كنا نتسابق ليهنئ بعضنا بعضاً.. ونتعاتب بشدة إذا مرت مناسبة جميلة دون أن يبادر أي منا بتقديم التهاني والأمنيات الطيبة للآخر.
* * *
الكل "كان" ينتظر النتائج الدراسية..
الجار يطرق باب جاره في فرحة وحب ليهنئه بنجاح ابنه وابنته.
. و"كان" يعتبر هذا النجاح في بيته هو وليس بيت جاره.
.
. وفي المواسم.. "كان" الكل يتبادل أكلات هذه المواسم.. مثل كعك العيد. وعاشوراء.
.. وفي أعياد الميلاد.. "كان" الأهل والأصدقاء والجيران بل وجيران الجيران يلتفون حول "التورتة"
يغنون. ويهنئون في مودة ما بعدها مودة.
.. وفي الأفراح.. "كان" القريب والغريب موجوداً.. فالعريس ابنهم جميعاً.. والعروس أيضاً.
الفرح "كان" من القلوب..
والزغاريد من الأعماق..
ودموع الفرحة صادقة تعبر عما تكنه الأفئدة.
حتي في الوفاة.. "كان" الكل يلتف حول أهل المتوفي..
يشاطرونهم الأحزان ويواسونهم في مصابهم الأليم..
ويستمر تواجدهم معهم إلي أن تنتهي أيام العزاء الثلاثة.
* * *
"كان" الفرح بصدق.
. والحزن أيضاً..
ويؤسفني أن أقول "كان"..
فقد تبلدت الآن الأحاسيس. وتبدلت الأخلاقيات.. طوعاً أو كرهاً.
طوعاً..
نتيجة الأنانية والغيرة من الآخرين والحسد لهم.
وكرهاً..
بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي جعلت الكثيرين يدورون في طاحونة إلي ما لا نهاية!
* * *
اليوم.. ماذا تبقي من "كان"؟
لاشيء.. إلا النذر اليسير.. أو الفتات.
الجار أصبح يفاجأ بأن ابن جاره "الطفل الصغير" تخرج في الجامعة وأصبح شاباً.. محظوظاً
إذا وجد عملاً لا يتناسب مع مؤهله. أو منحوساً مثل معظم الشباب يجلس في البيت أو علي المقهي أو يقف علي ناصيته ليعاكس بنات الناس.. أو يلتف حوله إخوان السوء فيفسدون أخلاقه بالشم والحقن والسجاير المحشوة بالبانجو أو تسميم أفكاره.
.. ويمر الموسم أي موسم ويأتي غيره ولا أحد يهدي جاره ولو "كعكة" أو يقول له كل سنة وأنت طيب.
.. وأعياد الميلاد.. لا يتذكرها غالباً أفراد الأسرة من كثرة الأعباء.. فهل تخطر علي بال الأهل والأصدقاء والجيران؟!
.. والأفراح أصبح حضورها في الغالب لقتل وقت الفراغ. والتريقة علي أهل العروسين.. فلا البوفيه الفاخر نافع ولا العادي شافع.. ولم تعد العروس تسمع عبارة "صباحية مباركة" إلا من أقرب الحبايب فقط!!
حتي المآتم.. فالبعض يتهربون من حضورها بحجة أو بأخري!
* * *
للأسف.. اختفي "الحب" الصادق المنزه عن أي هوي إلا قليلاً.. وحلت محله "المصالح"!
أصبح الكثيرون يحسبونها بالعائد المادي أو الأدبي أو الاثنين معاً..
كم يكسب من مصادقتك وفي أي وضع سيكون إذا عرفك !!!
إذا كانت النتيجة صفراً..
فإنه يعتبر نفسه لا رآك. ولا أكل معك "عيش وملح".
ولا حتي سمع عنك في يوم من الأيام.. وقد ينقلب عليك وتصبح عدوه اللدود!
وهذا طبعا لا ينفى وجود القله الذى يملاأ قلوبهم حب الناس
فنرجوووووووو ان لا نعلن قريبا عن انعدام هذه الروح التى كانت متواجده معنا من قديم الزمان
والتى اتمنى دوامها واستمرارها
اختكم
ساره بوسى