الخير الذي ناله سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه :
لقد نال سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه بالتحاقه برسول الله صلى الله عليه وسلم شرف الهجرة إلى الله ورسوله أولا فكان مهاجرا ثم شرف الصحبة الذي ناله جميع الصحابة رضي الله عنهم ولا يخفى على كل مسلم الآيات الكثيرة التي جاءت في فضل الصحابة والأحاديث التي تأمرنا بالتأدب معهم والثناء عليهم جميعا وأننا لن نبلغ درجتهم مهما عملنا .
قال تعالى
( محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم)) الفتح 29 ومن آخر الآيات نزولا ((لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة)) التوية 117
وسيدنا أبو هريرة هو مهاجر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لاهجرة بعد الفتح ) وينال بذلك أوصاف المهاجرين
ومن الأحاديث في فضل الصحابة عامة وسيدنا أبو هريرة رضي الله عنه منهم ما أخرجه البخاري عن عمران بن حصين : قال صلى الله عليه وسلم (( خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم )) البخاري 8/13- 1/176
ثم إن رسول الله عليه وسلم أمرنا بعدم سبهم والإساءة إلى أحدهم فأخرج البخاري بسنده عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال :قال النبي صلى الله عليه وسلم :لاتسبوا أصحابي فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ من أحدهم ولا نصيفه ) البخاري 5/10 –مسلم 7/188
ونقل الأذرعي في شرح العقيدة الطحاوية عن ابن بطة العكبري باسناد صحيح عن ابن عباس رضي الله عنه قال
لاتسبوا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فلمقام أحدهم ساعة خير من عمل أحدكم أربعين سنة)
-ومن الشرف الذي ناله سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لقبيلة دوس أخرج البخاري بسند عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قدم طفيل بن عمرو الدوسي وأصحابه النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله : إن دوسا عصت وأبت فادع الله عليها فقيل : هلكت دوس قال : اللهم اهد دوسا وائت بهم )) البخاري 4/54
*ومن الشرف الذي ناله أيضا أنه من اليمن وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي أخرجه البخاري عن أبي هريرة (( الإيمان يمان والحكمة يمانية)) البخاري 4/217 – مسلم 1/52
وأما ما يخصه رضي الله عنه فقد دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالحفظ: قال النبي صلى الله عليه وسلم يوما لن يبسط أحد منكم ثوبه حتى أقضي مقالتي هذه ثم يجمعه إلى صدره فينسى من مقالتي شيئا أبدا فبسطت نمرة ليس علي ثوب غيرها حتى قضى النبي صلى الله عليه وسلم مقالته ثم جمعتها إلى صدري فو الذي بعثه بالحق ما نسيت من مقالته تلك إلى يومي هذا) البخاري 3/ 135 – سند أحمد رقم 7273
وفي رواية الحميدي : ( قال المسعودي : وقام آ خر فبسط رداءه فقال النبي صلى الله عليه وسلم : سبقك بها الغلام الدوسي ) مسند الحميدي 2/ 483
وقد شجعت هذه الطريقة السهلة أبا هريرة على أن يطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم بسط ثوبه مرة أخرى فيقول : قلت يا رسول الله : إني سمعت منك حديثا كثيرا فأنساه قال : ابسط رداءك فبسطت فغرف بيده فيه ثم قال ضمه فضمته فما نسيت حديثا بعده ) البخاري 4/253 –الترمذي 13/ 225
"حفظ سيدنا أبو هريرة رضي الله عنه :
كان سيدنا أبو هريرة أحفظ الصحابة للحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وثيق بنفسه وثوقا كبيرا فقال عن نفسه رضي الله عنه
( ما من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحد أكثر حديثا عنه مني إلا ما كان من عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب )) البخاري 1/38 – الترمذي 13/228
فلا غرابة إذن أن نجد سيدنا أبو هريرة يكثر التحديث والرواية والتصدي لتبليغ ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة ما اختص به أبو هريرة من دعوة النبي صلى الله عليه وسلم له أن لا ينسى
-وهناك سبب آخر لإكثار سيدنا أبو هريرة من الرواية وقلة الأحاديث عن المها جرين والأنصار وهو انشغال المهاجرين والأنصار بأعمالهم وتجارتهم بينما كان سيدنا أبو هريرة متفرغا لمجالسة النبي صلى الله عليه وسلم
ولقد دافع سيدنا أبو هريرة عن نفسه فقال فيما أخرجه البخاري في مواضع كثيرة (يقولون أن أبا هريرة يكثر الحديث والله الموعد ويقولون ما للمهاجرين والأنصار لا يحدثون مثل حديثه وإن اخوتي من الأنصار كان يشغلهم الصفق في الأسواق وإن اخوتي من الأنصار كان يشغلهم عملهم وكنت امرء مسكينا ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني فأحضر حين يغيبون وأعي حين ينسون ) البخاري 3/135
ومما يدل أن بعض الصحابة ألهاهم الصفق بالأسواق عن سماع بعض الأحاديث ما روي عن سيدنا عمر رضي الله عنه أنه سمع حديثا من أبي موسى الأشعري فأنكره فشهد أبو سعيد الخدري له أنه سمع نفس الحديث فقال عمر : (خفي علي هذا من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ألها ني الصفق بالأسواق ) مسلم 6/179
بل لم يكن يلهيه الصفق بالأسواق فحسب إنما كانت داره في عوالي المدينة لا كأبي هريرة رضي الله عنه على بعد خطوات من حجرة عائشة رضي الله عنها
ثم إن سيدنا أبو بكر رضي الله عنه كان مسكنه بالسنح وهو مكان بعيد عن المسجد أيضا . البخاري 2/86
توثيق النبي صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة رضي الله عنه :
أقر رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة حرصه على الحديث فأخرج البخاري عنه قال : (قلت يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة فقال : لقد ظننت يا أبا هريرة ألا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال : لا اله إلا الله خالصا من قبل نفسه ) البخاري 8/ 146
وأقر له أن فيه خير فيما أخرجه الترمذي قال
قال النبي صلى الله عليه وسلم :ممن أنت قال قلت: من دوس قال: ما كنت أرى أن في دوس أحدا فيه خير) الترمذي 13/227
توثيق سيدنا طلحة رضي الله عنه :
شهد له سيدنا طلحة بن عبيد القرشي أحد العشرة المبشر بالجنة وعديل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربعة من أزواجه فأخرج أبو عيسى الترمذي عن مالك بن أبي عامر قال جاء رجل إلى طلحة بن عبيد فقال : يا أبا محمد أرأيت هذا اليماني يعني أبا هريرة هو أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم منكم نسمع منه ما لا نسمع منكم أو يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل فقال:أما أن يكون سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم نسمع فلا أشك أنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم نسمع وذاك أنه كان مسكينا لا شيء له ضيفا لرسول الله صلى الله عليه وسلم يده مع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنا نحن أهل بيوتات وغنى وكنا نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفي النهار فلا نشك إلا أنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم نسمع ولا نجد أحدا فيه خير يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل ) الترمذي 13/226 – التاريخ الكبير للبخاري 3/133
توثيق سيدنا أبي بن كعب رضي الله عنه :
يشهد له سيدنا أبي بن كعب رضي الله عنه فيقول : إن أبا هريرة كان جريا على أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء لا يسأله عنها غيره )سند أحمد 5 /139
توثيق سيدنا ابن عمر رضي الله عنهما :
فيقول : ( يا أبا هريرة أنت كنت ألزمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحفظنا لحديثه ) الترمذي13 / 226
توثيق سيدنا حذيفة رضي الله عنه :
قال حذيفة : ( قال رجل لابن عمر : إن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ابن عمر أعيزك بالله أن تكون في شك مما يجيء به ولكنه اجترأ وجبنا ) المستدرك 3 / 510 سند صحيح
فليس بمستغرب أن يعلم أبو هريرة رضي الله عنه شيئا لا يعلمه قدماء الصحابة بل أكثر من هذا ليس بمستغرب أن يعلم شيئا لا يعلمه أهل الاخصاص منهم بموضوع معين
توفي رضي الله عنه عن سن يناهز الثمانين ولكن اختلف في سنة وفاته فقد ذكر خليفة بن خياط أنها كانت سنة سبع وخمسين وكذا نقل البخاري عن هشام بن عروة وذكر أنها كانت ثمان وخمسين وقيل سنة تسع وخمسين وكانت وفاته بالعقيق الوادي المجاور للمدينة رضي الله عنه وأرضاه