واليكم بعض ما جمعته لكم من السيرة بما يتعلق بالموضوع:
وقال أبوبكر رضى الله عنه { أثنى رجل على رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ويلك قطعت عنق صاحبك ثلاثا ثم قال : من كان منكم مادحا أخاه لا محالة فليقل أحسب فلانا , والله حسيبه ولا يزكي على الله أحدا أحسب كذا وكذا إن كان يعلم ذلك منه } رواه أحمد والبخاري ومسلم.
وعن عياض بن حمار رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى اله عليه وسلم " إن الله تعالى أوحى إليَّ أن تواضعوا حتى لا يبغى أحد على أحد ، ولا يفخر أحد على أحد " رواه مسلم.
وروى أيضا في اليوم والليلة عن أبي بكر بن نافع عن بهزعن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس وعن إبراهيم بن يعقوب عن العلاء بن عبد الجبارعن حمادعن ثابت وحميد عن أنس : {أن ناسا قالوا : يا رسول الله ياخيرنا وابن خيرنا وسيدنا وابن سيدنا , فقال : يا أيها الناس قولوا : بقولكم ولايستهوينكم الشيطان أنا محمد بن عبد الله ورسوله , ما أحب أن ترفعوني فوق منزلتي التي أنزلني الله عز وجل} . رواه البيهقي من حديث حماد, وهو حديث جيد الإسناد .
وفي البخاري من حديث ابن عباس عن عمرمرفوعا : {لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم, فإنما أنا عبد الله ورسوله} وفي حديث آخر أنه: {جاءه رجل فقال : أنت سيد قريش. فقال : السيد الله} .
قال ابن الأثير في النهاية : أي هو الذي يحق له السيادة , كأنه كره أن يحمد في وجهه وأحب التواضع , ومنه الحديث لما قالوا : أنت سيدنا , قال : قولوا بقولكم . أي : ادعوني نبيا ورسولا كما سماني الله , ولا تسموني سيدا كما تسمون رؤساءكم , فإني لست كأحدهم ممن يسودكم في أسباب الدنيا .
والسيد يطلق على : الرب المالك والشريف والفاضل والحكيم ومتحمل أذى قومه والزوج والرئيس والمقدم . وأصله من ساد يسود , فقلبت الواو ياء ; لأجل الياء الساكنة قبلها , ثم أدغمت . ووزن سيد فيعل . وهم سادة وزنه فعلة بالتحريك , مثل : سري وسراة . ولا نظير لها يدل على ذلك أنه يجمع على سيائد بالهمز مثل تبيع وتبائع وأقيل وأقائل . وعند البصريين وزن سيد فعيل . وجمع على فعلة كأنهم جمعوا سائدا مثل قائد وقادة وذائد وذادة . وقالوا : إنما جمعت العرب السيد والجيد على سيائد وجيائد بالهمز على غير قياس ; لأن جمع فعيل فياعل بلا همز .
وقال المروذي : قلت لأبي عبد الله أحمد بن حنبل :{لا يزال الرجل يقال له في وجهه : أحييت السنة . قال : هذا فساد لقلب الرجل} .
وقال لي أبو عبدالله : {أسأل الله أن يجعلنا خيرا مما يظنون , ويغفر لنا ما لا يعلمون{ .
وقالت هند أم ابن قتيبة للمروذي : أخبرت أن خراسانيا جاء إلى أبي عبد الله وعنده قوم جلوس فقال : يا أبا عبد الله أنت عندنا بخراسان مثل الشمس , فتغيرأبو عبد الله وكره ما قال وأظهر الكراهة , وقام فدخل .
وروى ابن ماجه بإسناد جيد عن معبد الجهني عن معاوية مرفوعا : { إياكم والتمادح فإنه الذبح }
وقد قيل في سمات الصادقيت :الزهدُ في مدح الناس وثنائهم، فإذا وجدت من يعمل الخير ولا ينظر إلى مدح الناس وثنائهم، بل قلبه معلقُ بالله وعمله خالصاً له فاعلم أنه من الصادقين.
يقول ابن القيم رحمه الله: (لا يجتمع الإخلاص في قلب ومحبةُ المدح والثناء والطمع فيما عند الناس إلا كما يجتمع الماءُ والنار والضبُّ والحوت، فإذا حدثتك نفسُك بطلب الإخلاص فأقبل على الطمعُ أولاً فاذبحه بسكين اليأس، وأقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عشاق الدنيا في الآخرة، ويُسَهِّلُ عليك ذلك يقينُك أنه ليس من شيء يُطمع فيه إلا وبيد الله وحده خزائنُه لا يملكه ولا يهبه سواه، ويقينُك كذلك أنه ليس أحد ينفع مدحُه ويزين، ويضر ذمُّه ويشين إلا اللهُ وحده )[1][4].
والمدح ليس منهيا عنه بإطلاق وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم أشخاصا وهم حضور وقد جاء في عنوان الباب في صحيح مسلم إيضاح مهم: بَاب النَّهْيِ عَنِ الْمَدْحِ إِذَا كَانَ فِيهِ إِفْرَاطٌ وَخِيفَ مِنْهُ فِتْنَةٌ عَلَى الْمَمْدُوحِ * كتاب الزهد والرقائق صحيح مسلم
والذي يعدّ نفسه مقصّرا لا يضره المدح وإذا مُدح لم يغترّ لأنه يعرف حقيقة نفسه قال بعض السلف: إذا مُدح الرجل في وجهه فليقل: اللهم اغفر لي ما لا يعلمون، ولا تؤاخذني بما يقولون، واجعلني خيرا مما يظنون. فتح 10/ 478.
هذا والله ورسوله أعلم وهو حسبنا ونعم الوكيل....[/
color]
[color=red]منقول للإفادة